عرض المعلم

يقع كارمن دي لوس مارتيريس على تلة الحمراء، وهو كنز غير معروف لكثيرين في مدينة غرناطة. يجمع هذا الركن الساحر بين هدوء الحدائق الغنّاء وهيبة القصر التاريخي، مقدماً للزوار تجربة فريدة تتداخل فيها الطبيعة مع التاريخ. من التراسات، يمكن الاستمتاع بإطلالات بانورامية تمتد من المدينة حتى القمم المغطاة بالثلوج في سييرا نيفادا، مما يخلق مشهداً يدعو للتأمل والخيال.

 

تاريخ المعلم

يعود أصل كارمن دي لوس مارتيريس إلى العصر النصري. كان العرب يطلقون على هذا المكان اسم حقل أهابول، بينما كان المسيحيون يسمونه حقل أو حظيرة الأسرى، لأن السجون العربية التي كانت تأوي الأسرى المسيحيين كانت تقع هنا. بعد الاسترداد، أمرت الملكة إيزابيل الكاثوليكية ببناء كنيسة صغيرة في أعلى الجبل تكريماً للشهداء المسيحيين.

في القرن السادس عشر، تحولت هذه الكنيسة إلى دير للكرمليين الحُفاة، وكان القديس يوحنا الصليب رئيساً له بين عامي 1582 و1588. كتب هنا معظم كتبه، وزرع العديد من الأشجار، وساهم في بناء القناة المائية.

في القرن التاسع عشر، تم شراء الأرض من قبل جهات خاصة وتم تحويلها إلى ملكية للترفيه. تم بناء القصر الحالي بواسطة كارلوس كالديرون، الذي أضفى على المكان طابعاً رومانسياً واستشراقياً، يعكس أذواق العصر وانجذابه للشرق وللثقافة الأندلسية.

في القرن العشرين، تم إعلان كارمن دي لوس مارتيريس كحديقة فنية، ثم اشترته بلدية غرناطة. ومنذ ذلك الحين، أصبح فضاءً عاماً يتيح للسكان المحليين والسياح الاستمتاع بجماله وإرثه التاريخي.

 

الوصف الفني والسياقي

يُعد كارمن دي لوس مارتيريس مثالاً رائعاً على كيفية اندماج العمارة مع فن تنسيق الحدائق لخلق مساحة حالمة. القصر الصغير، المصمم على الطراز التاريخي، يضم عناصر تستحضر الطابع الرومانسي لتلك الحقبة، من خلال صالات مزخرفة وتفاصيل فنية تنقل الزائر إلى زمن آخر.

الحدائق تشكل فسيفساء حقيقية من الأساليب المختلفة:

• الحديقة الفرنسية: ممر بين أحواض نباتية هندسية، ونوافير، وتماثيل كلاسيكية تعكس أناقة النظام في عصر النهضة.
• الحديقة الإنجليزية أو حديقة النخيل: تتميّز بطبيعتها العفوية والبرية، مع مسارات متعرجة تمرّ بين العديد من أشجار النخيل والشجيرات المزدهرة. إنها المكان المثالي للضياع فيه والاستمتاع بالهدوء. في وسطها تمامًا، نجد نافورة فيليبي الثاني، وهي نافورة من ثلاث طبقات بناها دوق إنفانتادو.
• الفناء النصري: بناه دوق إنفانتادو عام 1944 تكريماً لفن البستنة النصري. يحتوي على بركة مركزية، وتم بناء مقصورة مستوحاة من أروقة الجنينة أو قصر الكماريس، وتُعزّز الأقواس الحدوية والزخارف الخزفية من أصالة المكان وسحره، وتنقل الزائر إلى روعة العصر الأندلسي.
• حديقة "البحيرة": تحتوي على جزيرتين، واحدة صغيرة مخصصة للبط والطيور والبجع، والأخرى أكبر حجمًا تضمّ رصيفًا صغيرًا وخرابة وهمية تعود للعصور الوسطى، حيث كان بالإمكان سابقًا التجوّل في البحيرة بقوارب على شكل بجع.

كما توجد حدائق أخرى مثل: حديقة الساحة، حديقة الأقواس، حديقة الورود، غابة المتاهة، وقناة المياه. وفي الطريق إلى القناة، نجد شجرة أرز مكسيكية قديمة من نوع Cupressus Lusitánica، والتي تقول الأسطورة إن القديس يوحنا الصليب هو من زرعها، وقد تكون واحدة من أقدم الأشجار الأمريكية في أوروبا.

التجول في هذه الحدائق متعة خالصة للحواس. تمتزج رائحة الورود والياسمين بصوت تدفق المياه من النوافير والبرك، بينما تُسعد العين بالمنحوتات المخبأة بين النباتات والزوايا الهادئة التي تدعو إلى الاستراحة والتأمل.

 

معلومات مفيدة للزوار

الدخول إلى كارمن دي لوس مارتيريس مجاني.

ساعات العمل:
من 1 أبريل إلى 14 أكتوبر من الساعة 10:00 صباحًا حتى 2:00 ظهرًا، ومن 6:00 مساءً حتى 8:00 مساءً.
أيام السبت والأحد والعطل الرسمية من الساعة 10:00 صباحًا حتى 8:00 مساءً.
من 15 أكتوبر إلى 31 مارس من الساعة 10:00 صباحًا حتى 2:00 ظهرًا، ومن 4:00 مساءً حتى 6:00 مساءً.
أيام السبت والأحد والعطل الرسمية من الساعة 10:00 صباحًا حتى 6:00 مساءً.

يُعد كارمن دي لوس مارتيريس مكانًا لإقامة العديد من الفعاليات الثقافية والاجتماعية. على مدار العام، تُقام فيه حفلات موسيقية في الهواء الطلق، ومعارض، ومناسبات رسمية.
كما أنه يُعتبر موقعًا شهيرًا لإقامة حفلات الزفاف وجلسات التصوير، بفضل جمال حدائقه الفريد والأجواء الرومانسية التي تسود في كل زاوية.

ننصح بزيارة الموقع الرسمي لبلدية غرناطة أو مكتب السياحة للحصول على أحدث المعلومات.

 

أفضل الأوقات للزيارة

يمكن الاستمتاع بكارمن دي لوس مارتيريس في أي وقت من السنة.
في فصل الربيع، تتفتح الحدائق بكامل رونقها، وتمتلئ بالألوان والروائح العطرة التي تبرز جمال المكان.
أما في الخريف، فتضفي درجات اللون البني والذهبي لأوراق الشجر جوًا دافئًا ورومانسيًا مثاليًا للتنزه.

 

نصائح عملية

للاستمتاع الكامل بالزيارة، يُفضل ارتداء أحذية مريحة، حيث يشمل المسار ممرات وسلالم قد تتطلب بعض التوازن.
على الرغم من وجود مناطق مظللة، يُنصح بأخذ زجاجة ماء، خاصةً خلال الأشهر الحارة، للبقاء منتعشًا ومُرطبًا أثناء استكشاف المكان.

الموقع مُهيأ جزئيًا للأشخاص ذوي الحركة المحدودة، وهناك مناطق مخصصة تُسهل عملية الزيارة.
ومع ذلك، قد تشكل بعض المسارات والسلالم تحديًا في التنقل.
إذا كنت بحاجة إلى مساعدة أو خدمات خاصة، فننصحك بالتواصل مسبقًا لضمان تجربة مريحة وخالية من المتاعب.

للحفاظ على هذا الموقع التاريخي، يُرجى من الزوار احترام بعض القواعد الأساسية.
على سبيل المثال، تجنّب المشي على أحواض الزهور، وعدم إطعام الحيوانات الموجودة في المكان، وبالطبع الحفاظ على نظافة الموقع.
بهذه الممارسات البسيطة، تساهم في توفير تجربة ممتعة ومحترمة للجميع.

 

كيفية الوصول

يقع كارمن دي لوس مارتيريس على تلة الحمراء.

سيرًا على الأقدام

من وسط مدينة غرناطة، يمكنك الصعود عبر Cuesta del Realejo أو Cuesta de Gómerez حتى تصل إلى Paseo de los Mártires.
توفر هذه المسارات مناظر خلابة وتُعد طريقة رائعة للانغماس في أجواء المدينة.

بوسائل النقل العام

استقل الخط C30 المتجه إلى الحمراء، وانزل في محطة "Auditorio Manuel de Falla – Carmen de los Mártires".

يمكن أيضًا الوصول إلى المكان بواسطة سيارة أجرة.

بالسيارة

توجد مواقف عامة للسيارات بالقرب من الموقع، ولكن يُنصح بالتحقق مسبقًا من توفرها بسبب قيود المرور في المنطقة.

 

أين تأكل

إذا كنت تبحث عن أماكن للاستمتاع بوجبة لذيذة بالقرب من كارمن دي لوس مارتيريس، فإن حي الرياليخو يوفر خيارات تناسب جميع الأذواق.
من بين هذه الخيارات مطعم Damasqueros، الواقع في Cuesta del Realejo. يشتهر هذا المطعم بـ قائمة تذوق تتغير أسبوعيًا، وتركز على المكونات المحلية والموسمية. كل طبق يجمع بين التقاليد والحداثة، ما يمنح تجربة طهي فريدة من نوعها.

إذا كنت ترغب في تجربة أكثر بساطة وتقليدية، فإن La Tana في شارع Rosario هو مكان دافئ يمكنك فيه تذوق تاباس غرناطية كلاسيكية برفقة مجموعة مميزة من النبيذ. إنه المكان المثالي للانغماس في الثقافة الغذائية للمدينة في أجواء أصيلة.

أما إذا كنت تبحث عن عرض أكثر ابتكارًا، فإن مطعم Faralá، الواقع في Cuesta de Gomérez، يقدم مطبخًا يدمج بين التقاليد الأندلسية والتقنيات الحديثة. قوائم التذوق التي يقدمها، والمعروفة بإبداعها، هي متعة بصرية وذوقية حقيقية ستمنحك تجربة راقية في فنون الطهي.

 

أماكن الجذب القريبة

على بُعد دقائق فقط، تقع قصر الحمراء الرائعة، وهي مجمّع أثري ينقلك إلى روعة الحقبة النصرية.
يمكنك استكشاف قصورها المذهلة، حيث تبلغ العمارة والزخرفة الإسلامية ذروتها، والتنزه في حدائق الجنينة، واحة من النضارة والجمال تدعو للتأمل.

غابة الحمراء، وهي منطقة طبيعية كثيفة الأشجار، تُعد من المعالم القريبة أيضًا. تربط هذه الغابة بين تلة الحمراء والمركز التاريخي لغرناطة، وتوفّر مسارات مظللة مثالية للمشي الهادئ.

وعلى مسافة قصيرة، تجد أيضًا قصر كارلوس الخامس، وهو مبنى على الطراز النهضوي يضم متحف الفنون الجميلة في غرناطة.
هنا يمكنك الانغماس في عالم الثقافة والفن، والاستمتاع بمجموعات غنية من الأعمال التي تمتد من العصور الوسطى حتى القرن العشرين، وسط أجواء مفعمة بالتاريخ والأناقة المعمارية.